اخبار العراق

“التجنيد الإلزامي” في العراق يفتح باب الجدل حول أهدافه

[ad_1]

النور نيوز/ متابعة

وافق مجلس الوزراء في جلسته الاعتيادية على مشروع قانون “خدمة العلم” برئاسة مصطفى الكاظمي، ومن المتوقع أن يناقَش القانون في مجلس النواب لإقراره. وقد سبق لهذا القانون أن كان مثار خلاف بين الأوساط النيابية العراقية، إذ عارضته بعض الأوساط بسبب تفصيلات إلزامه وصلاحيات توقيتاته.

وفي تغريدة لرئيس الوزراء على “تويتر” قال “أنجزنا اليوم ما تعهدنا به منذ لحظة تسلمنا المسؤولية أمام شعبنا والتاريخ، بإقرار خدمة العلم التي ستكرس القيم الوطنية في أبنائنا، وطرحنا مشروع صندوق الأجيال الذي سيحميهم من الاعتماد الكامل على النفط، ومعاً سنمضي إلى الانتخابات المبكرة وفاءً للوعد”.

قانون بريمر

في 23 مايو (أيار) 2003 أصدر الحاكم المدني الأميركي، بول بريمر، قراراً يقضي بحل القوات المسلحة العراقية وتسريح جميع عناصر الجيش العراقي والحرس، ومنذ ذلك الحين تحول نظام العمل بالجيش العراقي إلى التطوع والخدمة غير الإلزامية، وقد صنف الجيش العراقي بأنه أحد أقوى 50 جيشاً من مجموع 138 دولة في العالم، وفق تصنيف الموقع الأميركي غلوبال فاير “Global Fire”. ويحاول الجيش العراقي بناء نفسه منذ الاضطرابات التي خلفها تنظيم “داعش”.

مشروع خدمة العلم

ينص مشروع قانون الخدمة على إلزام الذكور في عمر 19-35 سنة على أداء خدمة العلم، وتتراوح الفترة بين عام ونصف العام إلى عامين، لمن لا يملك شهادة أو تحصيلاً علمياً، ولمدة عام واحد للحاصلين على الشهادة الإعدادية، وستة أشهر للحاصلين على شهادة البكالوريوس، ولمدة شهرين للحاصلين على الشهادات العليا، أما خيار دفع البدل النقدي فهو لمن لا يستطيع الخدمة.

وكان قانون التجنيد لعام 2016 قد ضم 75 مادة قانونية اعتمدت على الإرث القانوني المستقى من قانون التجنيد الإلزامي السابق، وتم إقراره بالإجماع في مجلس الدفاع، وسبق للجنة الأمن والدفاع البرلمانية أن اقترحت القانون على حكومة عادل عبد المهدي السابقة إلا أنه رفضها.

القانون دستوري

وفي تصريح للمتحدث الرسمي للحكومة ووزير الثقافة، حسن ناظم، أوضح “أن هذا القانون له تاريخ في العراق، إذ أقر منذ عام 1932 باسم (قانون الخدمة الإجبارية)، واستمر العمل به حتى عام 2003 حينما حصل التغيير وتوقف العمل به، إلا أن هناك مادة دستورية تفيد بإعادة تشريعه مرة أخرى، ذلك أن هذا المشروع يعد مفيداً في خلق جيل من الشباب، مؤتمن على وطنه ولديه روح وحس وطني. كما أدرجت في القانون عدة بنود لمن لا يرغب بالانخراط في صفوف الخدمة الإلزامية عبر دفع بدل مالي محدد. ويتضمن كذلك بنوداً تتعلق بالإعفاءات في الحالات الخاصة مثل إعفاء التجنيد لوحيد العائلة”.

ويضيف “القانون لا يعني تجنيد الحكومة جميع الشباب، بل هو صيغة تنظيمية للشباب بجميع أطيافهم وفئاتهم وأديانهم ومذاهبهم لتدريبهم وتنظيم صفوفهم للدفاع عن الوطن، إضافة إلى منافع أخرى تتعلق بالمجتمع وإعادة نسيجه عبر التلاقح والتعارف وهي بادرة لم تقدم عليها أية حكومة أخرى”.

القانون يتقاطع مع الإصلاحات الاقتصادية والورقة البيضاء

وعن تباين الآراء حول إقرار القانون في الفترة الحالية تحدث النائب محمد شياع السوداني قائلاً “مشروع القانون موضوع قديم جديد، وخضع لنقاشات في جلسات الحكومات السابقة، لكن فوجئنا بإقرار مسودة مشروع القانون من دون أن تكون هناك دراسات جدوى اقتصادية، واجتماعية، وأمنية مسبقة. العديد من المتغيرات حصلت في العراق على الصعيدين الداخلي والخارجي كان لا بد من أخذها في الاعتبار”.

ويضيف السوداني “بعد هزيمة (داعش) ظهرت في العراق تشكيلات عدة إضافة إلى الجيش العراقي، منها الشرطة الاتحادية والحشد الشعبي والبيشمركة والحشد العشائري وجهاز مكافحة الإرهاب والأمن الوطني، ونحن بالتالي أمام استحقاق يتطلب منا أن نعيد هيكلة وتنظيم هذه القوة، وتنسيق مهماتها بالشكل الذي لا يتقاطع على أرض الميدان، إذ يبلغ عدد المقاتلين اليوم ما يقرب من المليون مقاتل. والانفتاح على الخدمة الإلزامية للشباب يعني أننا سنكون أمام أعداد كبيرة من الجنود المكلفين، فضلاً عن أن هذه الخطوة تتقاطع والإصلاحات الاقتصادية ومشروع الورقة البيضاء الذي تبنته الحكومة، والذي كان أساس تبنيه تقييد الإنفاق. فالخدمة الإلزامية تعني تهيئة معسكرات ورواتب ومستلزمات معيشة ووسائل تدريب وغيرها، كل ذلك سيرهق كاهل الموازنة المالية السنوية، وقد يكون على حساب تسريح مقاتلين آخرين، ما يعني تفريط الحكومة بالقوة القتالية الحالية، التي خاضت معارك كثيرة”.

وعما إذا كان الهدف من إقرار قانون التجنيد الإلزامي يصب في مصلحة التطوير العسكري ومواجهة الأخطار المحدقة بالبلاد، يعتقد السوداني أن هذه الخطوة غير مدروسة، ويوضح “نجد اليوم أن التطور التكنولوجي هو الأكثر استثماراً لتحقيق النصر في المعارك والدفاع عن البلاد، فالطائرات المسيرة والصواريخ ذات التقنية العالية هي الأساس في حسم المعركة، ونرى أن العالم يتجه نحو التكنولوجيا لتعزيز منظوماته الدفاعية وليس إلى الوسائل التقليدية بالاعتماد على العامل البشري والجيش، والواجبات الأكثر أهمية تنجز عبر التكنولوجيا المتطورة وتؤدي أدواراً أكثر أهمية من إنجاز فرقة مشاة كاملة بعدتها وعددها”.

وأضاف السوداني “بتقديري هذه الخطوة غير مدروسة ومن المحتمل أن تغير الحكومة المقبلة النظر فيها، فعمر هذه الحكومة منتهٍ، ودورة البرلمان منتهية بفعل الانتخابات المبكرة، وبالتالي سوف يخضع المشروع إلى إعادة نقاش، وهذا سياق متبع بأن تعاد دراسة مسودات مشاريع القوانين المرسلة من الحكومة المنتهية قبل إرسالها إلى البرلمان”.

ويكمل السوداني حديثه عن إمكانية الحكومة باستكمال مشروعها وإقرار القانون “المجيء بهذه الحكومة كان لأهداف محددة تمهيداً لإقامة انتخابات، وبتقديرنا ومتابعتنا لها نرى أنها لا تمتلك الوقت والإمكانات التي تمكنها من القيام بهذه المهمات الاستراتيجية وإصلاح الوضع السياسي والاقتصادي والأمني”.

التجنيد الإلزامي… أداة لتعزيز الوطنية والانتماء

وعلى خلفية صدور القرار علق المحلل السياسي والباحث الأكاديمي سلمان الأعرجي لـ”اندبندنت عربية” قائلاً “التجنيد الإلزامي أداة مهمة لتعزيز الشعور بالوطنية والانتماء لهذا البلد في نفوس وضمائر الشباب، لأن الدافع الأساسي للتجنيد هو الدفاع عن الوطن بغض النظر عن الانتماءات الفرعية، إذ يشارك الشباب من مناطق مختلفة في أداء خدمة العلم، وبهذا يتعزز لديهم الشعور بالوحدة الوطنية وقيم الرجولة والقدرة على تحمل المسؤولية، ومهمة المؤسسة العسكرية هي العمل على بناء جيل قادر على الدفاع عن وطنه وأرضه، كما تنمي الخدمة الإلزامية روح التعايش السلمي، والتواصل الاجتماعي بين جميع مكونات المجتمع العراقي، هذا إلى جانب توفير فرص عمل للشباب وإن كانت مؤقتة”.

فيما أوضح المتخصص اللوجستي، مقداد الحسني، أن شـرط العمر عامل أساسي وحاسم في إعادة الاعتبار لتشكيلات الجيش، إذ يبين “أن التقادم العمري للأفراد المقاتلين في الجيش العراقي أصبح واقع حال، إذ تتراوح أعمارهم بين 30 و50 سنة أو أكثر، وهذا العمر لا يؤهل العنصر للقتال بسبب تغير القناعات واعتبار مسألة الحفاظ على العائلة ووجود الأسرة ومتطلبات العيش وتأمينها أولوية على الاعتبارات الأخرى، بينمـا معدل أعمار المقاتلين الفاعلين في الجيش يتراوح بين 18 و25 سنة، وهذه السـن تزخر بالعنفوان والاندفاع، لذا نجد أن قانون الخدمة الإلزامية واجب الإقرار والتنفيذ في هذه المرحلة”.

تعدد القيادات قد يعرقل تنفيذ القانون

فيما يشير النائب وفاء محمد عن الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى عدة أسباب قد تعرقل إمكانية تطبيق القرار في الوقت الراهن، فيقول “نحن بحاجة إلى فترة طويلة لسن القانون، وفي حال تم تشريعه في البرلمان فقد يحتاج إلى فترة طويلة قد تزيد على السنوات الخمس لدخوله حيز التنفيذ، والأسباب كثيرة أولها وجود عدد من الفصائل غير المنضوية تحت راية واحدة أو قائد واحد هو القائد العام للقوات المسلحة. وثانياً وجود الآلاف من الفضائيين في السلك العسكري حتى الآن وهذا إشكال كبير. وثالثاً ضعف الانتماء عند الشباب العراقي بسبب فشل الإدارات السابقة في خلق الشعور بالمواطنة وتوفير العيش السليم. ورابعاً عدم قدرة أجهزة الحكومة العراقية على متابعة المتخلفين ومراقبتهم ومعاقبتهم إن كانوا فارين من الخدمة. لهذا أجد أن الدولة وأجهزتها بحاجة إلى فترة طويلة لإعادة تنظيم نفسها ومن ثم تشريع مثل هذه القوانين وإدخالها حيز التنفيذ”.

توقيت إعلان المشروع

وعن توقيت الإعلان عن القانون، يعلق المحلل السياسي مخلد الحازم “هذا القانون محفوظ في (أدراج) مجلس النواب من سنوات، وفُعل هذا القانون في زمن العبادي وأضيفت إليه بعض التعديلات، إلا أن الحكومات المتعاقبة لم تقره”.

ويبين الحازم “حكومة الكاظمي وبالتعاون مع العمليات المشتركة ووزارة الدفاع تدارست هذه الجهات المشروع لإقراره”.

ويعلق الحازم أيضاً على توقيت إعلان المشروع “أرادت الحكومة أن تؤكد دورها بتمرير مشروع القانون، لكنه لن يُطبق، ولن يُقرأ، ولن يُصوت عليه في المرحلة الحالية. وبالتأكيد سيُرحل إلى المرحلة المقبلة”.

وفي ما يخص عدم وضوح بعض فقرات القانون يبين الحازم “القانون يتضمن استثناءات الواجبات الدينية ولا نعلم القصد منها ومن المقصود، وكذلك وردت فقرات تخص الاستثناء عن دافعي البدل النقدي وهذا الاستثناء قد يولد فوارق طبقية بين أفراد المجتمع”.

وعن الجهات المعارضة لتطبيق القانون يبين الحازم “ستعمل بعض الجهات المعارضة للحكومة على تسقيط أي مشروع سواء أكان في خدمة البلد أم لا”.

يذكر أن قانون التجنيد الإلزامي هو قانون وطني معمول به في 65 دولة، إحدى عشرة منها دول عربية، وقد نوقش القانون في مجلس الوزراء وارتأى المجلس التصويت على هذا القانون وأن يحال إلى مجلس النواب لتشريعه.

[ad_2]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *