سياسة

لماذا يعمد بعض السياسيين العراقيين الترشيح لدوائر انتخابية بعيدة عن مناطقهم الأصلية؟

[ad_1]

بغداد اليوم تقرير : محمود المفرجي الحسيني

 

ان الطبيعي والبديهي، ان لكل شخص يمتلك طموحا سياسيا او يرى في نفسه القدرة على خدمة الناس، ان يروج لنفسه في منطقته وبين اهله وجيرانه واحبابه، لانهم الاعرف به وهو الاعرف بهم وباحتياجاتهم، لكن في الآونة الأخيرة ظهرت ظاهرة هي ليست جديدة لكنها استفحلت بشكل كبير، متمثلة بقيام مرشحين في الانتخابات، بالترشيح لمحافظات على محافظات غير محافظاتهم، ومناطق ليست مناطقهم.

 

ورغم قانونية هذا الاجراء، الا انه يقوم به ثلة معينة من الذين كانت لديهم تجارب سابقة في مجلس النواب، فهؤلاء يرشحون (على سبيل المثال)، في بغداد دون ان يرشحوا في مناطقهم الاصلية، ما يؤدي الى جملة تساؤلات واستنتاجات، منها، انه خلال فترة عملهم السابقة صار لهم انصار في بغداد اكثر من انصارهم ي مناطقهم الاصلية، او انهم فشلوا في خدمة مناطقهم فذهبوا الى مناطق أخرى يحاولون اقناعهم بنفس الطريقة التي قنعوا بها أهالي مناطقهم قبل “خذلانهم”، ووصلوا الى قناعة بان مناطقهم فقدت الثقة بهم ولا يمكن ان ينجحوا فيها مرة ثانية وحسب القول المأثور : لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، او ان طبيعة الترشيح الفردي الذي فرضه قانون الانتخابات الجديد يدفع المرشح الى الترشيح عن دائرة أخرى غير دائرة منطقته.

 

وافصحت الدعاية الانتخابية  لاعضاء يمثلون عددا من المحافظات العراقية عن  اختيارهم  العاصمة بغداد لخوض الانتخابات التشريعية المبكرة، وفيما طرح مدونون  وناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي تساؤلات حول اسباب اختيار المرشحين دوائر بغداد الانتخابية ميدانا للتنافس.

 

وعن هذا الامر قال الأمين العام لحركة الوفاء العراقية الدكتور عدنان الزرفي، ان “اختيار المرشح منطقة بديلة  يعني وصوله الى قناعة اكيدة  بانه فقد قاعدته الشعبية ، فقرر اختيار منطقة انتخابية اخرى عسى ان يحالفه الحظ ويضمن مقعده في  مجلس النواب المقبل”.

 

وفيما قسمت المفوضية العاصمة بغداد الى 17 دائرة انتخابية موزعة بين جانبي الكرخ والرصافة، يتنافس مرشحوها على واحد وسبعين مقعدا في البرلمان المقبل.

 

من جانبه قال الخبير بشؤون الانتخابات عادل اللامي ان “قانون الانتخابات لم يلزم المرشحين بالترشح عن مدنهم الاصلية بل ترك لهم حرية  اختيار المحافظة”.

 

وأضاف، ان “المرشحين الذين اختاروا التنافس في دوائر بغداد الانتخابية هم اعضاء في مجلس النواب الحالي، يعتقدون بانهم استطاعوا من خلال ظهورهم المستمر بوسائل الاعلام توسيع قاعدتهم الشعبية ويراهنون عليها لتجديد العضوية النيابية”.

 

وتابع الخبير اللامي، أن “مرشحي المحافظات فضلوا العاصمة  على الرغم من شدة  المنافسة ففي بغداد يلاحظ ان كل 28 مرشحا يتنافسون على المقعد الواحد، مبينا “ان المنافسة في المحافظات الاخرى قياسا بالعاصمة يكون عدد المرشحين قليلا ، فمثلا محافظة نينوى التي يصل استحقاقها من المقاعد الى 34 مقعدا لا يتجاوز عدد المرشحين على المقعد الواحد 12 مرشحا كذلك في اربيل فان المقعد الواحد يتنافس عليه 9 مرشحين فقط”.

 

وكانت مفوضية الانتخابات  أعلنت  وعلى لسان المتحدثة جمانة الغلاي المصادقة على 44 تحالفا و267 حزبا، وجميعها أحزاب مرخصة، تمتلك شهادات تأسيس، ومجموع المرشحين بلغ نحو 3523 مرشحا، يتنافسون في عموم المحافظات واقليم كردستان على 329 مقعدا في مجلس النواب القادم”.

 

وفي اطار التنافس بين المرشحين خارج قواعد السلوك الانتخابي، تقصد مدونون  وحسابات تديرها  قوى سياسية  نشر الدعاية الانتخابية لا عضاء في مجلس النواب مع تساؤلات وتعليقات عن سبب الترشح عن بغداد وترك مدنهم الاصلية”.

 

وعبر الناشط ليث السعيدي، عن قناعته بان ترشيح المرشح للانتخابات، على دائرة أخرى غير منطقته ينم عن فقدانه لثقة اهله وناسه في منطقته.

 

وقال لـ(بغداد اليوم)، انه “ليس هناك أي مبرر للمرشح ان يرشح على دائرة بعيدة عن منطقته، وبمكان لا يعرفه به احد، او ينافس اخرين من نفس المنطقة التي رشح عليها، فليس من المعقول يغامر بالترشيح لمنطقة أخرى”.

 

وأضاف، ان “الملاحظة المهمة، بان من يقدم علة هذه الخطوة، هم الأشخاص الذين كانوا نواب لاكثر من دورة برلمانية، ويملكون إمكانيات مالية كبيرة، وليس المرشحين الجدد الذين ينتمون الى أحزاب وكتل صغيرة”.

 

اما السياسي زكي الساعدي، فكان له رأي اخر، اذ عزا المسألة الى أسباب فرضها عليه قانون الانتخابات الجديد الذي يعتمد على الترشيح الفردي.

 

وقال الساعدي لـ (بغداد اليوم)، ان “قانون الانتخابات الجديد الذي اعتمد على صيغة الدوائر الصغيرة المتعددة، حصر جمهور المرشح بدائرة صغيرة، فمثلا ، يوجد في دائرة التاجي مقعدين للرجال وواحد للنساء، وهذه المنطقة تضم سبع البور والراشدية والحسينية، وحينها يكون المرشح من أهالي التاجي لا يملك حظوظ، لذا ينتقل الى منطقة أخرى ليكون منافسا للاخرين المرشحين في المنطقة الجديدة”.

 

لكن الساعدي لفت الانتباه الى ملاحظة مهمة، وهي، ان “اكثر من يتركون دوائر مناطقهم الانتخابية ويذهبون الى دوائر أخرى، هم رجال الأحزاب، الذين لن يخسروا شيء، لانهم يعتمدون على القاعدة الحزبية وليس القاعدة الجماهيرية”.

 

وأضاف، ان “الأحزاب لا تغامر بوضح مرشحين اثنين في نفس الدائرة الانتخابية، لكي لا تفقد حظوظ احد منهم، لهذا تركن الى ترشيح مرشح في دائرة واحد، وتنقل الاخر الى دائرة أخرى”.

 

وأشار الى، ان “بعض الأحزاب القريبة من بعضها تبرم بينها اتفاقيات، تقوم من خلالها على ترشيح مرشحين اثنين في دائرة واحد، لان قانون المفوضية الفردي فيه مادة تقول (ما هو معناه)، اذا تعرض المرشح الفائز في أي دائرة الى التغييب او القتل او السجن او أي سبب من الأسباب ينتقل المقعد الى الطرف الاخر من نفس الائتلاف او الحزب”.

 

وطلب الساعدي عدم تجاهل مسألة في غاية الأهمية حسب وجهة نظره، وهي، ان “بعض المرشحين التابعين لاحزاب كبيرة وتملك إمكانيات كبيرة، عندما ترشح على منطقة معينة، فانها تسيطر عليها، فلا يكون للمرشحين المنتمين لاحزاب ناشئة أي فرصة بالفوز عليهم، وحينها لا طريق امامهم الا الذهاب الى دوائر انتخابية ثانية لتجربة حظوظهم”.

 

وصادق رئيس الجمهورية برهم صالح، في مطلِع تشرين الأوّل 2020 بـ”تحفّظ”، على قانون الانتخابات بشكل مُغايرً تماماً للقوانين الانتخابيّة التي أقرّها العراق منذ 2003، وأجرى بموجبها أربعة انتخابات نيابية بين 2005 و2018. فبدلاً من اعتماد البلاد كدائرة انتخابية واحدة، مثلما حصل في انتخابات 2005 – وهي الأولى بعد إحتلال العراق – أو اعتماد كل محافظة من محافظات العراق الـ18 كدائرة انتخابية، كما حصل في الانتخابات الثلاثة اللاحقة، فإن القانون الجديد يقسّم العراق إلى 83 دائرة انتخابية على عدد مقاعد “كوتا” النساء في مجلس النواب، والذي يُلزم الدستور بحصولهنّ على 25 في المئة من المقاعد النيابية البالغ عددها 329 مقعداً.

 

وجاء إقرار هذا القانون تحت ضغط الشارع العراقي الذي شهد تظاهرات هي الأوسع والابرز في تاريخ العراق الحديث، والتي طالبت بإصلاح سياسي واقتصادي شامل.

 

وكانت من أبرز مطالب المتظاهرين الأساسية، سنُّ قانون عادل للانتخابات، يخفّف من احتكار الأحزاب المشاركة في السلطة المقاعد النيابية، ويسمح بدخول مستقلين وأحزاب صغيرة وحديثة النشأة إلى مجلس النواب.

[ad_2]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *