“الخطيب وموسيماني وأشياء أخرى”.. سر تتويج الأهلي بالعاشرة (تقرير)

كتب- أيمن جيلبرتو:

بعد 7 سنوات عجاف، لم ينجح الأهلي خلالها من حصد لقب دوري أبطال أفريقيا، تأهل مرتين للمباراة النهائية، لكن في النهاية ظلت الكأس خارج أحضان الجزيرة.

وتُوج الأهلي بطلاً لدوري أبطال أفريقيا بعد تغلبه على كايزر تشيفز الجنوب أفريقي 3-0 في نهائي البطولة بالمغرب.

ورفع الأهلي رصيده للقب رقم 10 في تاريخ مشاركاته في دوري أبطال أفريقيا وبفارق 5 ألقاب عن أقرب منافسيه الزمالك ومازيمبي بطل الكونغو.

ومنذ تتويج الأهلي بدوري أبطال أفريقيا 2013 في الحقبة الأخيرة للجيل الذهبي، حاول الأهلي أكثر من مرة وكانت هناك أكثر من فرصة ليُضيف الأهلي لقباً جديداً لدوري الأبطال، لكن الأمور لم تُكلل بالنجاح.

وعانى الأهلي طوال 7 سنوات من فشل عدم التتويج بدوري الأبطال، وكان بين الخروج من مرحلة ما قبل المجموعات أو عدم التأهل للأدوار النهائية، وخسارة النهائي مرتين متتاليتين وأخيراً الخسارة الكارثية أمام صنداونز الجنوب أفريقي 5-0.

الإسباني خوان كارلوس جاريدو، فتحي مبروك، الهولندي مارتن يول، حسام البدري، الفرنسي باتريس كارتيرون، في وجود مجلس بقيادة محمود طاهر وأيضاً بدايات مجلس محمود الخطيب، كل تلك الأسماء مرت، ولم تعد الأميرة السمراء لأحضان الجزيرة، ولكن في أقل من عام، اختلفت الأمور، وتحققت التاسعة ثم العاشرة.

محمود الخطيب

لم يكابر أحد أساطير كرة القدم المصرية والأفريقية والعربية محمود الخطيب كثيراً في ملف كرة القدم، وبدأت الإصلاحات في القائمة بعد ما حدث للفريق في نهائي نسخة دوري أبطال أفريقيا 2018 أمام الترجي التونسي، وكانت التعاقدات الشتوية بداية الطريق بصفقات استثنائية.

وجاء لقاء صنداونز الشهير في نسخة 2019 ومن خلال قراراته الإدارية نجح في تصحيح مسار الفريق مرة أخرى إدارياً وانضباطياً من أجل مواصلة البناء دون أن ينفرط عقد الفريق ويدخل في دوامة الأزمات بعد نتيجة كارثية.

وكان للسويسري رينيه فايلر المدير الفني الأسبق للأهلي دوراً فنياً في تحويل شكل الفريق والوصول به لشكل مميز عكس ما كان عليه في سنوات سابقة، لكن المدرب نفسه لم يكن لديه القدرة على التعايش مع الأوضاع الاستثنائية بسبب “فيروس كورونا” ليُقرر الرحيل، وهنا كان قرار أخر من الخطيب باستقدام الجنوب أفريقي بيتسو موسيماني.

وجود الخطيب في رحلات الأهلي الخارجية “رئيساً للبعثة” إلا مرات قليلة، كان له دور كبير في طريق الأهلي لحصد النجمة التاسعة ثم العاشرة، ولهذا قام لاعبو الأهلي بشكره بطريقتهم الخاصة، مرة بميداليات السوبر الأفريقي، ومرة بقميص الرقم “10”.

عندما يجد اللاعب والمدرب والطبيب والإداري، رئيس المنظومة وأحد أساطير اللعبة متواجداً معهم ويدعمهم في كل وقت، هنا يشعر اللاعب أن هناك من يقف معه وبالتالي نفسياً يُصبح جاهزاً لأصعب المنافسات، بجانب الاستفادة من الخبرات.

موسيماني

المدرب الذي جاء من جنوب القارة السمراء، في قرار استثنائي وفريد من نوعه، امتلك في أكتوبر 2020 ما لم يمتلكه أي مدرب غيره كان يمكن أن يكون مكانه بدلاً من فايلر، وهو معرفة الفريق وتفاصيله نظراً لأنه درسه أكثر من مرة عندما واجهه وقت كان مدرباً لصندانز.

ليس هذا فحسب، بل يعلم جيداً قيمة فوز الأهلي بدوري أبطال أفريقيا، ويعلم أيضاً كل تفاصيل منافسي الأهلي في ذلك الوقت “الوداد المغربي – وكذلك الزمالك والرجاء المغربي”، لن يحتاج وقتاً للدراسة وفهم ما يحدث حوله وبالتالي تحمل المسؤولية بشكل كامل.

موسيماني نجح في معادلة هي الأصعب، هو كان يُريد “الوقت” لكن في نفس الوقت نجح في التعامل “عدم تواجد الوقت الكافي” لكي يُعد الفريق بالشكل الأمثل في ظل ضغط مباريات كبير وعدم وجود وقت للراحة أو فرصة للتدعيم بالشكل الأمثل.

نجح بيتسو في لم شمل الفريق مرة أخرى بعد فترة عدم اتزان مع فايلر الذي كان منشغلاً بأمور أخرى مستفيداً من حسمه للدوري، فاستطاع اقصاء الوداد من نصف نهائي دوري الأبطال بالفوز “ذهاباً وإياباً”، ووقف التوفيق مع تجربته بسبب تحضيراته وعمله ليدعمه بهدف محمد مجدي “أفشة” والتتويج بدوري أبطال أفريقيا “التاسعة” ويكسر صيام 7 سنوات.

وبالرغم من ظهور الفريق في بعض المباريات محلياً وأفريقياً بشكل مقلق لجماهيره وتعرض موسيماني للانتقادات، لكنه نجح أيضاً في الوصول للشكل الذي يُريده دون خسارة ألقاب لكي يُقلل من الضغوطات، وكانت مباراتي صنداونز ثم لقاء نهضة بركان بداية قصة جديدة لموسيماني قادته لطريق العاشرة.

طريقة استغلال موسيماني للراحة التي حصل عليها الفريق قبل مواجهتي الترجي في نصف نهائي دوري أبطال أفريقيا ليُعيد شحن طاقات اللاعبين بجانب الوقوف على بعض الأخطاء وتصحيحها كانت طريقه لحصد النجمة العاشرة مع النادي الأهلي.

وبعيداً عن الفنيات، فموسيماني شخص متواضع يحترم منافسيه، لا يُقلل من أحد، دائماً يتحدث عن عمل الآخرين بالإيجاب، لا ينسب أي فضل لنفسه، لديه فلسفة في التصريحات وطريقة التعامل مع اللاعبين، أمور تساعد أي مدرب في العمل، وأمور تجعل التوفيق يقف بجوارك في كثير من الأحيان.

أشياء أخرى

هنا نتحدث عن جيل نجح في تحقيق ما كان يبدو “صعباً” وكسر صيام السنوات العجاف، والعودة للتتويج الأفريقي من خلال الالتزام والانضباط والحفاظ على هدوء الفريق والطموح لمحو ذكريات سيئة واستبدالها بتاريخ جديد كان طريقاً نحو المجد الأفريقي.

الجيل الحالي للنادي الأهلي تذوق طعم النجاح القاري وما تبعه من مشاركة في كأس العالم للأندية والميدالية البرونزية وأجواء استثنائية وتحقيق انجازات جديدة تضاف لرصيدهم الشخصي ولخزائن النادي، وبالتالي كان هذا الأمر عاملاً في طريق العاشرة.

الدور الذي قام به سيد عبدالحفيظ مدير الكرة في الأهلي والاستفادة من أخطاء الماضي وتصحيح وكيفية السيطرة على غرف خلع الملابس قد المستطاع، متى يصدر العقاب ومتى تكون الإشادة وصرف المكافآة، الوقت المناسب للظهور الإعلامي، ومتى يكون هناك “غلق كامل”.

وبالطبع هناك هناك رجال أخريين بين جهاز طبي وإداري ومنسق، جهاز معاون لبيتسو موسيماني يدرس كل كبيرة وصغيرة ويحاول مساعدة المدرب في إيجاد الحلول الممكنة، وجود متخصص في مجال الرياضة يعمل مع موسيماني فيما يخص أمور الترجمة والتواصل مع الإعلام، كل تلك الأمور وفي مقدمتها توفيق الله كانوا طريقاً لمجد أفريقي جديد ومشاركة مونديالية جديدة.

في كرة القدم لا يوجد نجاح بـ”الصدفة”، والتوفيق يساند من يجتهد ويعمل، وفي بعض الوقت قد تكون الخسارة “غير مستحقة لك” لكن تكون في توقيت مفيد لك لتفوز بعد ذلك، لكن عندما تترك الأمور والتفاصيل الصغيرة دون أي اهتمام، فهنا تكون الخسائر أكبر مما تتخيل.

“وراك فين ما تروح”.. رسالة حملها “أحمد أحمدي، وعمر شريف”، لكل منهما رحلة شاقة وتحدي من أجل الوصول للمغرب، تواجدا هناك دون أي “ضمان” لحضور المباراة، مجرد “آمل وحلم” للتواجد خلف الفريق، هما بمثابة سفراء لجماهير الأهلي في نهائي “العاشرة”، وكانت المكافآة هي الكأس، هدية الله لهما ولملايين من جماهير الأهلي.

المصدر: مصراوي