[ad_1]
بغداد اليوم – تقرير : محمود المفرجي الحسيني
قيل .. ان تدمير أي أمة لا يحتاج إلى قنابل نووية أو صواريخ بعيدة المدى، لكن يحتاج إلى تخفيض نوعية التعليم والسماح للطلبة بالغش ، فيموت المريض على يد طبيب نجح بالغش، وتنهار البيوت على يد مهندس نجح بالغش، ونخسر الاموال على يد محاسب نجح بالغش، ويتفشى الجهل في عقول الأبناء على يد معلم نجح بالغش، فانهيار التعليم يعني انهيار الأمة.
من المؤسف ان تكون هذه الفكرة المختصرة، مصداق حقيقي لما يجري في العراق، فكل المؤشرات تشير الى انه سائر نحو الانهيار في التعليم، بعد ان شهدنا شبه انهيار في البنية التحتية، متمثلة بالبلد النفطي الذي يعد الاغنى بالعالم، الذي ما زال يعتمد على مدارس طينية او مدارس مبنية بـ “سندويتش بنل“.
واذا تركنا البنية التحتية، واتجهنا الى جودة التعليم في العراق، لرأينا انها منخفضة جدا، بدليل ان اغلب الطلبة يتجهون الى التعليم الخاص، في ظل آلاف المدارس والجامعات والكليات الخاصة المنتشرة في ارجاء البلد بشكل يدعو الى الغرابة.
وكان التعليم في العراق قد وصل الى مراحل متقدمة جداً في سبعينيات القرن الماضي وتمكن العراق آنذاك من القضاء على الأمية وحصل على العديد من الجوائز من المنظمات الدولية كونه من البلدان التي قفزت قفزات نوعية كبيرة في قطاع التعليم بكافة مستوياته حيث كانت الجامعات العراقية في طليعة التصنيف العالمي للجامعات وكان يقصدها الطلاب العرب والأجانب للدراسة فيها
وعبرت النائب عن تحالف عزم، نجاة الطائي، عن انهيار التعليم بالعراق، بـ “الجريمة”، مشيرة الى ان الذي يجري في العراق هو قتل للتعليم، وهذه جريمة الكل مشارك فيها، ان كانت الحكومة او الطالب او الكوادر التعليمية،
وقالت الطائي لـ (بغداد اليوم)، ان “الفساد وضعف القانون وهيمنة الأحزاب، المتنفذة هو الذي أدى الى تراجع الواقع التعليمي في العراق“.
ولم تستثني الطائي ذوي الطلبة مسؤولية الاسرة في عملية ، ما اسمته انهيار المنظومة التعليمية في العراق، وقالت، ان “الأهالي يشجعون على النجاح بالغش او بمنح المال وهذا بحد ذاته تدمير للعملية التربوية في العراق“.
وكشف الطائي، التي هي تربوية قبل ان تصبح عضو مجلس النواب، ان هناك اتصالات ترد لها من اباء للطلبة تؤكد بان بعض المدرسين يعطون معلومات خاطئة عن الدروس والمناهج.
وأشارت الى وجود “تقصير حكومي بعدم بناء اعداد كبيرة من المدارس وعدم توفير البيئة التعليمية داخل المدرسة، مشيرة الى ان اكثر المدارس في العراق هي طينية او آيلة الى السقوط وتفتقد للبيئة المناسبة“.
وتطرقت الى عدم “وجود دورة مياه صالحة ، او ماء صالح للشرب ، مبينة، ان “المفروض هناك اعداد متفق عليها عالميا محددة داخل الصف الواحد، قوامها 30 طالبا، لكن نرى ان الصف الواحد في العراق يزيد على الـ 90 طالبا، فضلا عن عدم وجود تهوية او وسائل ايضاح او مختبرات“.
اما مدير مجلس الخبراء العراقي، البروفسور ضياء ماجد المهندس (طبيب واستاذ جامعي)، فقد عزا أسباب انهيار المنظومة التعليمية في العراق ، الى عدة أمور منها دخول ما عبر عنه “دخول أحزاب المحاصصة الى التعليم“.
وقال لـ (بغداد اليوم)، ان “دخول أحزاب المحاصصة الى التعليم، والفساد، والقيادات الجامعية غير الكفؤة المعتمدة على الحزبية ، وتحكم المقاولين والتجارة وتحكمهم في التعليم الأهلي والتعليم العالي، هو الذي ساهم بانهيار التعليم في البلاد“.
وأشار الى، ان “هناك امر اخر نتج عن هذا الانهيار، وهو المستوى المتدني للطلبة المتخرجين، وتفكيرهم بترك البلاد لعدم قناعتهم بالعمل فيه“.
وكشف عن العراق هو اكثر بلد في العالم يخرج اعداد كبيرة من الأطباء والمهندسين ، مشيرا الى ان هذا الامر هو وحده ” مقياس للانهيار“.
اما النائب السابق ندى الجبوري، فقد شخصت عدة نقاط، لتراجع التعليم، منها الذي يخص منظومة البنية التحتية للهيكلية الهندسية وفقًا لعدد الطلاب في الرقعة الجغرافية ونوع الفئات العمرية.
وقالت الجبوري لـ (بغداد اليوم)، ان “المناهج التعليمية وصياغتها وقلة الاعتماد على خبراء ومختصين بالمناهج وكيفية اعتماد الحداثة والمتابعة والتجديد ومواكبة العلوم الحديثة للتعليم واعتماد أسس حقوق الانسان وكيفية خفض معدلات العنف، فضلا عن عدم استخدام تكنولوجيا المعلومات ومواكبتها والانتقال من الكتابة الخطية الى الالكترونية ساهم بتراجع الواقع التعليمي“.
وأشارت الى “فقدان البطاقة الصحية للطالب والدعم الغذائي والمتابعة من اجل نمو سليم وعقل سليم وهو ملف اصابه الفساد، مشيرة الى عدم جدية اجهزة مكافحة الفساد بكشف ملفات الفساد بالموازنات المتتالية للتربية والتعليم بالعراق، وغياب دوائر البحوث من اجل اكتشاف ابداعات الطلبة وتشجيعهم على البحث العلمي وتنمية القدرات الرياضية والفنية مبكّرا“.
ونفت الجبوري وجود منظومة “بنكية او مبادرات للقروض الصغيرة للدراسة بسن مبكر مثل التعليم الثانوي الذي يمنع تسرب الصبيان بشكل رئيسي من المدارس بسبب ضعف موارد الاسرة “.
اما الاستاذ الجامعي (جامعة الغوما في كندا) “حيدر الشمري” ، رأى ان مستوى التعليم في العراق خال من المعرفة والمعلومة ولا يواكب عصر التطور والتكنولوجيا في العالم ، بسبب سوء الادارة والمحاصصة المقيتة.
وقال لـ (بغداد اليوم)، ان “التدخلات السياسية تؤثر في تطوير البحوث والدراسات الخاصة بالمناهج التعليمية، فضلا عن دخول الفساد المالي والاداري الى نظام التعليم مما ادى إلى تراجع المناهج الدراسية التي اصبحت لا تناسب حاجات البلاد الاقتصادية“.
وتابع، ان “العراق الذي خط فيه أول حرف على أرضه اصبح خارج التصنيف العالمي لعام 2021 حسب مؤشر دافوس لجودة التعليم، الذي ضم 180 دولة. مؤشر دافوس ﺍﻋﺘﺒﺮ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭﺳﻮﺭﻳﺎ ﻭﺍﻟﻴﻤﻦ وليبيا والصومال والسودان “ﺩﻭل ﻏﻴﺮ مصنفة” لعدم توفر ﺃﺑﺴﻂ ﻣﻌﺎﻳﻴﺮ ﺠﻮﺩة ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ.
الى ذلك، عد المحلل السياسي جاسم الغرابي، ان انهيار المنظومة الأخلاقية السياسية هو الذي أدى الى انهيار الواقع التعليمي في العراق، بحيث وضع العراق في اسفل جدول دول المنطقة في هذا المجال.
وقال لـ (بغداد اليوم)، ان “من يقود التعليم في العراق غير مؤهل لقيادته، وهذا الامر بسبب المنظومة التوافقية والمحاصصاتية التي أدت الى انهيار كل شيء في العراق ومنه التعليم“.
واشار الى وجود “شهادت تباع وتشترى وطروحات للماجستير الدكتوراه غير جديرة بان تصنف ضمن الشهادات العليا، فضلا عن وجود كليات أهلية في كل محافظات العراق تقبل الدرجات المتدنية من الطلبة مقابل ثمن موسوم بدفع الأقساط السنوية“.
واذا صدق مصطله “الانهيار”، فانه انعكس أيضا على سلوك الطلبة في المدارس والكليات، وظهور ظواهر كانت غير موجودة في العراق، منها ظواهر ابتزاز الطلبة فيما بينهم.
وأعلنت الأجهزة الأمنية القبض على مجموعة من الطالبات، حاولن ابتزاز صديقة لهن بنشر صورها في مواقع التواصل الاجتماعي.
[ad_2]
