[ad_1]
وبدأت قصة نجاح حج هذا العام، 1442 هجرية، مع تحديد الأعداد بـ60 ألف حاج من المقيمين في المملكة العربية السعودية ممن استكملوا اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، وذلك في إجراء أقرته الحكومة السعودية لضمان سلامة الحجاج، ومنع أي تفشٍ للفيروس قد ينتج عن الأعداد الكبيرة المعتادة.
وتوصَّلت دراسة علمية، أعدَّها فريق بحثي دولي، إلى أن هذا التحديد لأعداد الحجاج يسهم في حصر فيروس كورونا والحد من انتشاره، مؤكِّدة أن السعة الإجمالية المسموح بها للحشود ورفع الإجراءات الاحترازية لأعلى مستوى ترتبطان بشكل كبير في الحد من تفشي عدوى “كوفيد-19”.
وإلى جانب تحديد الأعداد، استحدثت المملكة العديد من التطبيقات والتقنيات الحديثة التي مكَّنت الحجاج من أداء مناسكهم بسهولة، وأسهمت في تحقيق متطلبات التباعد الاجتماعي.
ومن هذه التقنيات “بطاقة الحج الذكية” التي تم تصميمها لربط العمليات والخدمات المقدمة للحجاج. وتعمل البطاقة عبر تقنية اتصال المجال القريب “NFC” التي تسمح بقراءة البطاقة عن طريق أجهزة الخدمة الذاتية المتوفرة في المشاعر المقدسة، وتضم العديد من الخصائص والميزات مثل إرشاد الحجاج لسكنهم في المشاعر والتحكم بالدخول إلى المرافق المختلفة والحد من الحج غير النظامي.
كما اعتمدت وزارة الحج والعمرة في المملكة “الإسورة الإلكترونية” التي تُظهِر بقراءتها هوية الحاج وبياناته الرسمية كافة، كما تتيح متابعة وضعه الصحي والتدخل عند أي طارئ، إضافة إلى قابلية استخدامها لتوجيه الرسائل التوعوية للحجاج.
وشهد موسم هذا العام استخدام روبوتات لخدمة قاصدي المسجد الحرام مزودة بشاشة وكاميرا وميكروفون، للإجابة عن استفسارات الحجاج، ومتابعة الالتزام بالتدابير الاحترازية والوقائية وفقاً للبروتوكولات الصحية المعمول بها، إذ تعمل على قياس درجة حرارة الإنسان، وملاحظة الالتزام بارتداء الكمامة من خلال تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وأطلقت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي عدداً من التطبيقات الإلكترونية أيضاً لخدمة زائري المسجد الحرام، منها “تطبيق الحرمين” الذي يُمكِّن المستفيد من مشاهدة خطبة الجمعة والبث اليومي للصلوات عبر البث المباشر، وبأكثر من لغة عالمية، وتطبيق “المقصد” الذي يمكن من خلاله البحث عن أي موقع داخل المسجد الحرام، عبر نظام الملاحة الإلكتروني، إضافة إلى تطبيق “تنقل” الذي مكّن الحجاج من حجز عربات التنقل داخل الحرم بشكل مسبق ودون الحاجة إلى أي انتظار.
وأكد أستاذ هندسة الحاسب الآلي في معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة الدكتور مازن الشمراني أن جميع الأمور التشغيلية في موسم الحج مبنية على المنظومة الرقمية المتكاملة لتنسيق الخدمات بين الجهات وضبط الجودة وجدولة تفويج الحجاج وإدارة رحلاتهم وفقاً لنظام إدارة الحج الاستثنائي.
وقال الشمراني إن “المملكة انتقلت منذ سنوات من الحج الاعتيادي إلى الحج الذكي بما يعنيه ذلك من استخدام التطبيقات، والخرائط الذكية، وأنظمة المتابعة الرقمية، وبطاقة الحج الذكية”، لافتاً إلى أن دواعي الأمن والسلامة في ظل وجود فيروس كورونا أدت إلى تعزيز هذا الاتجاه نحو الحلول الذكية بحيث يتم ضمان عدم وجود أي حالات لتفشي الفيروس.
وفرضت قوات أمن الحج طوقاً أمنياً على مداخل مكة المكرمة والمشاعر المقدسة بحيث لا يُسمح بالدخول إلى منطقة المسجد الحرام أو المشاعر المقدسة إلا بتصريح سواء كان الشخص محرما أو غير محرم، وذلك حرصاً على سلامة الحجاج وضمان التقيد بالإجراءات الاحترازية.
وحرصت الجهات الأمنية على تأمين جميع متطلبات السلامة واشتراطاتها في جميع مواقع وجود الحجاج في المشعر، من خلال دوريات للأمن والسلامة للمحافظة على أمن الحجاج وراحتهم وأماكن وجودهم على مدار الساعة.
وشغَّلت وزارة الصحة السعودية مستشفيات المشاعر المقدسة ومكة المكرمة بكامل طاقاتها للتعامل مع الحالات الطارئة للحجاج، كما انتشرت الفرق الإسعافية على طول المشاعر مدعومة بأكثر من 40 سيارة إسعاف.
وأعدَّت وزارة الحج والعمرة خطط التفويج وفق مسارات معينة وجداول زمنية محددة لتنظيم حركة الحجيج بين المشاعر المقدسة، وما بين المشاعر والحرم، لمنع أي ازدحام أو تكدس، مستخدمة في سبيل ذلك حوالي 2000 حافلة من حافلات النقل الآمن مصحوبة بـ1400 مرشد للإشراف على توجيهها عبر المسارات وضمان التزام الحجاج بالإجراءات الاحترازية لمكافحة فيروس كورونا.
كما عَمِلَت رئاسة شؤون الحرمين على جداول تفويج منظمة لاستقبال الحجاج في المسجد الحرام، عبر تطبيق إجراءات التباعد الجسدي بين كل حاج وآخر، ووضع الملصقات الأرضية الإرشادية بساحات الحرم المكي وصحن المطاف التي تُحدد مسارات الحركة بشكل آمن وصحي.
وأكملت تهيئة أدوار صحن المطاف ومطاف الدور الأرضي والأول، والبالغ عددها 25 مساراً بصحن المطاف، و4 مسارات بالدور الأرضي، و5 مسارات بالدور الأول، وتخصيص مسارات لذوي الاحتياجات الخاصة، وفق ضوابط الإجراءات الاحترازية، بالإضافة لتخصيص أبواب محدّدة للدخول، وأبواب أخرى للخروج، لضمان منع حدوث أي تزاحم أو تكدس، وبما يضمن انسيابية حركة الحشود.
وأسفرت هذه الإجراءات المتضافرة عن نجاح جميع الخطط الصحية المتعلقة بالحج، وانتهاء الموسم دون تسجيل أية إصابات بفيروس كورونا، إذ أعلن وزير الصحة السعودي الدكتور توفيق الربيعة نجاح خطة الحج الصحية للعام الجاري، وخلو الحج من تفشيات الفيروس، وغيره من الأمراض الوبائية الأخرى.
وقال وزير الصحة إن “الجهات المشاركة في خدمة ضيوف الرحمن بذلت جهوداً كبيرة لتنفيذ خطة الحج الصحية لضمان سلامة الحجاج ومنع انتشار العدوى بينهم في ظل جائحة كورونا”.
وأضاف: “بفضل الله أسهمت هذه الجهود المبكرة والإجراءات الاحترازية في التعامل مع الوضع الصحي للجائحة خلال موسم الحج لهذا العام، الذي استدعى اقتصار أداء الحج على 60 ألف حاج من مستكملي اللقاح، ما كان له الأثر الملموس في الحفاظ على صحة الحجاج وسلامتهم”.
بدوره، قال أستاذ الدراسات البيئية والصحية في معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة، الدكتور تركي حبيب الله، إنه بالإضافة إلى خبرة السعودية الكبيرة في إدارة الحشود، هناك عوامل عدة أسهمت في هذا النجاح الصحي، منها فرض التباعد الجسدي، واستخدام حافلات نقل آمن تنقل كل واحدة 20 حاجاً فقط.
وأضاف حبيب الله: “كذلك التباعد في المخيمات كان مطبقاً بشكل دقيق، فعلى الرغم من السعة الاستيعابية الكبيرة لهذه المخيمات، اقتصرت الأعداد في هذا العام على نحو 50 حاجاً فقط في كل مخيم”.
ولفت حبيب الله إلى حقيقة أن المشاركين في الموسم من حجاج وفرق عاملة كلهم من الملقحين ضد الفيروس كان له أيضاً أكبر الأثر في خلو الحج من أي تفشيات، مبيناً أن نجاح خطط التوعية بخطورة الفيروس، وعمليات التعقيم الواسعة وتوفر الكمامات، وخطط التفويج المحكمة خلال جميع مراحل الحج، أسهمت أيضاً في منع الإصابات.
يذكر أن دولاً ومنظمات عالمية أشادت بنجاح الحكومة السعودية في إدارة موسم الحج لهذا العام رغم الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم جراء تفشي فيروس كورونا. كما نوهت منظمة الصحة العالمية بالتنظيمات التي اتخذتها المملكة على مستوى الصحة العامة لضمان سلامة الحجاج خلال الجائحة.
[ad_2]